25 نونبر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة
الترجمات الموجودة
يُعرِّف إعلان القضاء على العنف ضد المرأة (http://undocs.org/en/A/RES/48/104)، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 ، بأن العنف ضد المرأة هو جميع أعمال العنف. موجهة ضد الجنس الأنثوي، وتسبب أو يحتمل أن تسبب أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحياة العامة أو الخاصة.
2 – عواقب العنف على المرأة
وتؤثر العواقب النفسية والجنسية والإنجابية الضارة للعنف ضد المرأة على المرأة في جميع مراحل حياتها. فعلى سبيل المثال، لا تشكل العيوب التعليمية المبكرة فقط العقبة الرئيسية أمام تعميم التعليم وحق الفتيات في التعليم، ولكنها مسؤولة أيضًا عن الحد من الوصول إلى التعليم العالي وتؤدي إلى فرص محدودة للمرأة في سوق العمل.
3 – العنف المرتبط ببعض خصائص المرأة
على الرغم من أن العنف القائم على النوع الاجتماعي يمكن أن يؤثر على أي شخص، في أي مكان، فإن بعض خصائص المرأة، مثل تفضيلاتهن الجنسية، ووجود إعاقة أو أصلهن العرقي، بالإضافة إلى بعض العوامل السياقية، على سبيل المثال الأزمات الإنسانية، بما في ذلك الصراع الاسري وما بعد الصراع. يمكن أن تزيد من تعرض المرأة للعنف.
4 - العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا
اليوم، يعد العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا وتدميرًا في العالم. كما أنها لا تزال من أقل الحوادث التي يتم الإبلاغ عنها بسبب الإفلات من العقاب والصمت ووصمة العار والشعور بالعار الذي يحيط بها.
5 - أشكال العنف
يُفهم العنف ضد المرأة على أنه يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، أشكال العنف الجسدي والجنسي والنفسي، مثل:
- عنف الشريك الحميم (الضرب، العنف النفسي، الاغتصاب الزوجي، قتل الإناث)؛
- العنف والتحرش الجنسي (الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج بالإكراه، التحرش في الشارع، المضايقة الجنائية، التحرش الإلكتروني)؛
- الاتجار بالبشر (الرق، الاستغلال الجنسي)؛
- تشويه الأعضاء التناسلية للإناث؛
- الزواج المبكر.
أولا: البنية الطبقية المشكلة لدونية المرأة واضطهادها وممارسة العنف في حقها
1 – ان تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة يستوقفنا على عدة مستويات من بينها ما يلي:
2 – ان دور المرأة في انتاج وإعادة انتاج الحياة المباشرة للإنسان تمنحها المكانة اللائقة بها والتي كانت تحضى في الحياة البدائية بكامل التقدير والاحترام والتكامل، وحيث تجمع كافة الدراسات السوسيولوجية والانتربولوجية، أن غياب الانقسام والسلطوية والطبقات في المجتمع البدائي كان اصل الحظوة التي تمتعت بها المرأة في هذه الحياة الأولى. راجع في هذا الصدد دراسات لويس مورغان وفريدريك انجلز حول تماسك المجتمع البدائي قبل انقسامه مع ظهور الملكية الخاصة والاسرة والدولة.
3 – أن الانقلاب والتخلف الذي أصاب المجتمعات البدائية انطلق مع الثورة الزراعية والملكية الخاصة وبروز القيمة التبادلية التي قسمت التضامن الإنساني البدائي وفتحت المجال للصراع والتنافس على الملكية الخاصة والنظام الأبوي وتثمين القيمة التبادلية، والتي بنيت على أساسها سلطة الدولة والشرطة والجنود وظهور الأديان والحروب وظهور الحضارات المتعاقبة وانهيارها بسبب الصراع الطبقي الذي لازمها. ففي ظل هذا التحول بدأ حب التملك والعنف يشكل أساس النظام الأبوي ويفرض نفسه على وضع النساء ويكرس دونيتها في المجتمعات المختلفة.
4 – ان المجتمع الرأسمالي الحالي كأعلى مرحلة من مراحل المجتمعات الطبقية الاستغلالية القديمة ورث عن المجتمع المنقسم انماطه الابوية وكافة أساليب الاستغلال وتثمين القيمة التبادلية واشكال اضطهاد المرأة وممارسة العنف في حقها. لذلك لا يمكن للمجتمعات الحديثة ان تتخلص من الهيمنة الطبقية ودونية المرأة وممارسة العنف في حقها واسترجاع مكانتها الا بالتخلص تدريجيا وثوريا من الملكية الخاصة والقيمة التبادلية ومن الانقسام الطبقي واسترجاع التضامن الإنساني في ظل نمط إنتاج شيوعي الاشتراكي.
ثانيا: مؤشرات العنف ضد المرأة مغربيا وعالميا
أ - بعض مؤشرات العنف قي حق المرأة في المغرب
ان هيمنة نمط الاسرة البرجوازية وسط المجتمع المغربي وانتشاره مع دخول الاستعمار الفرنسي وفرض نمط الإنتاج الرأسمالي والقضاء تدريجيا على أنماط الإنتاج الزراعية والصناعية والتجارية السابقة، دفع نحو اشكال جديدة من العنف الابوي ضد المرأة المغربية ونشير فيما يلي الى نموذج من مؤشرات انتشار العنف الممارس في حق المرأة، حسب سياق و شكل العنف وحسب وسط إقامة المرأة، خلال سنة 2019 من آخر إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط (البحث الوطني للعنف ضد المرأة سنة 2019):
سياق العنف – - - - - - - - - - - - - المجموع – - - قروي – - - - حضري
العنف المنزلي الأسرة / الزوج – - - - 52,1 - - - - 53,3 - - - - 51,4
العنف في فضاء العمل - - - - - - - - - 15,4 - - - - - 8,7 - - - - - 18,2
العنف في فضاء الدراسة والتكوين - - - 18,9 - - - - - 26,2 - - - - - 17,9
العنف في الفضاء العمومي - - - - - - - 26,6 - - - - - 6,7 - - - - - 15,6
العنف في مختلف مجالات العيش - - - - 56,5 - - - - - 55,3 - - - - - 57,1
وتبرز هذه المؤشرات تطور نسبة انتشار العنف لدى النساء البالغات (18 – 64 سنة) حسب سياق و شكل العنف حسب وسط إقامة المرأة. وتعكس هذه المؤشرات مدى الاغتراب الحاصل وسط الأسرة البرجوازية المغربية قروية كانت أو حضرية بفعل سيطرة النظام الابوي والقيم الدينية وحاجة نمط الإنتاج الرأسمالي لهذه السيطرة لضمان استمراريته وإعادة انتاج نفسه.
ب – بعض مؤشرات العنف في حق المرأة عالميا:
يشير التقرير السنوي لأهداف التنمية المستدامة الى مظاهر العنف العامة التي تعاني منها نساء العالم، وفيما يلي بعض هذه المظاهر كما وردت في التقرير:
• إجمالاً، تعرضت 26 في المائة من النساء اللائي دخلن علاقة شراكة أو زواج في سن 15 وما فوق (641 مليون) للعنف الجسدي و / أو الجنسي من قبل الزوج أو الشريك الحميم على الأقل في حياتهن؛
• في دراسة استقصائية أجريت عام 2021 في 13 دولة، أفادت 45 في المائة من النساء أنهن أو امرأة يعرفنهن تعرضن لشكل من أشكال العنف منذ جائحة كوفيد 19؛
• في سنة 2021، تزوجت واحدة من كل خمس شابات قبل سن 18؛
• 35 في المائة و 28 في المائة من الشابات تزوجن في مرحلة الطفولة، على التوالي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا؛
• انخفض الانتشار العالمي لزواج الأطفال بنحو 10 في المائة في السنوات الخمس الماضية.
• من المحتمل أن يصبح ما يصل إلى 10 ملايين فتاة أخرى عرائس أطفال بحلول عام 2030 بسبب آثار جائحة كوفيد 19 ، بالإضافة إلى 100 مليون فتاة تعرضن للخطر قبل الوباء؛
• تعرضت ما لا يقل عن 200 مليون فتاة وامرأة اليوم لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ولا سيما في 31 دولة نتيجة المعتقدات الدينية والمنظومة الابوية؛
• اعتبارًا من فاتح يناير 2022، بلغت الحصة العالمية للنساء في المجالس الدنيا والعادية في البرلمانات الوطنية 26,2 في المائة، مقابل 22,4 في المائة في عام 2015؛
• بهذه الوتيرة، سوف يستغرق تمثيل النساء والرجال على قدم المساواة في البرلمانات الوطنية في أحسن الأحوال 40 عامًا أخرى؛
• حصة المرأة تزيد قليلاً عن الثلث في الحكومات المحلية؛
• في عام 2019، قبل انتشار الوباء، شكلت النساء 39,4 في المائة من إجمالي العمالة. في عام 2020، مثلت النساء ما يقرب من 45 في المائة من خسائر العمالة العالمية؛
• زادت نسبة النساء في المناصب الإدارية في جميع أنحاء العالم من 27,2 إلى 28,3 في المائة من 2015 إلى 2019 ، لكنها ظلت دون تغيير من 2019 إلى 2020 ، وهي السنة الأولى دون زيادة منذ 2013؛
• بين عامي 2007 و 2021، اتخذت 57 في المائة من النساء المتزوجات أو المرتبطات بزوجات تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 سنة قراراتهن الخاصة المستنيرة فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية الإنجابية؛
• في السنة الأولى للوباء، حدث ما يقدر بنحو 1,4 مليون حالة حمل إضافية غير مقصودة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛
• أدرجت 15 دولة فقط من أصل 52 دولة مبلغة أحكامًا كافية في أطرها القانونية لحماية حقوق المرأة في الأرض؛
• بين عامي 2018 و 2021، 26 في المائة فقط من البلدان لديها أنظمة شاملة مطبقة لتتبع المخصصات العامة للمساواة بين الجنسين، و 59 في المائة لديها بعض ميزات هذا النظام، و 15 في المائة ليس لديها الحد الأدنى من عناصر مثل هذا النظام.
بينما تؤكد تقارير الأمم المتحدة بالإضافة الى ما سبق ما يلي:
-
منذ بداية وباء كوفيد 19، قالت 45٪ من النساء إنهن أو نساء أخريات تعرضن لشكل من أشكال العنف ضد النساء والفتيات. قالت 7 من كل 10 نساء إنهن يعتقدن أن الإساءة اللفظية أو الجسدية من الشريك أصبحت أكثر شيوعًا.
-
تعتقد 6 من كل 10 نساء أن التحرش الجنسي في الأماكن العامة قد ازداد سوءًا.
-
85٪ من النساء في جميع أنحاء العالم تعرضن أو شهدن عنفًا افتراضيًا ضد نساء أخريات.
-
كل ساعة في المتوسط تُقتل أكثر من خمس نساء أو فتيات على يد أحد أفراد حاشيتهن في عام 2021 ، وفقًا لدراسة نشرها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) وهيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women). يصف هذا التقرير هذه الأرقام بأنها "تذكير صارخ بأن العنف ضد النساء والفتيات هو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم".
ثالثا: دور المعتقدات الدينية في تكريس العنف في حق المرأة
1 – يشكل الدين أحد المكونات الاجتماعية والثقافية الموروثةعن زمن الانقسام الاجتماعي والطبقي: فالأديان، ولا سيما الديانات التوحيدية، رسخت دونية المرأة، حيث تقوم السلطات الدينية بتفسير النصوص وفقًا للسياقات السياسية والاقتصادية لنمط الإنتاج السائد. في حين أنه بمرور الوقت، كان لابد من اختفاء بعض العقائد وراء حرية الفكر والعمل، يبدو أن إعادة تعريف الاستراتيجية الجيوسياسية والاقتصادية للعالم تفضل، من خلال التطرف الديني، الانسحاب المجتمعي. وعندما تصبح القوة الذكورية ذات جوهر إلهي مقدس، فإن المكانة المتدنية للمرأة تضفي شرعية على كل أشكال التمييز التي تتعرض لها، ويصبح شجب العنف أمرًا لا يمكن تصوره؛ من ناحية أخرى، يمكن تشجيع استخدام العنف المطلق ضد أولئك الذين ينتهكون قواعد الشرف الزوجية.
2 – وقد ابرزت دراسات أجريت في فرنسا، أنه من بين البيانات الاجتماعية والثقافية التي تم جمعها، يبدو أن الدين يشكل عاملا حاسما: ف 17٪ من المجيبين المسلمين أو اليهود مارسوا حالات عنف منزلي، و 9,1٪ من الكاثوليك والبروتستانت المستطلعين مقابل 7,8٪ من هؤلاء الذين لم يعلنوا أي دين. ثم ظهر أن النساء اللواتي نشأن في الديانة الكاثوليكية كن أكثر بعدًا عن الدين من المسلمين. إن المستوى الخطير جدًا للعنف الزوجي يرتفع مع درجة التبعية الدينية: 5,2٪ ممن يعتبرون الدين مهمًا للغاية هم في وضع خطير للغاية من العنف مقابل 2٪ ممن لا يولون أهمية له.
3 - لقد تناولت جميع الأديان موضوع المرأة. كان بعضها أكثر انفتاحا على النساء من غيره. لا تستطيع ديانات معينة إنكار دور المرأة أولاً كزوجة وشريكة في تكوين المنزل وأيضاً كأم حيث تتحمل مسؤولية تربية أطفالها، وعليها إعدادهم بالطريقة الصحيحة لمواجهة صعوبات الحياة وظروفها.
4 – لكن ذلك لم يمنع بعض الأديان من سن قوانين "مقدسة" ضد حقوق المرأة وحرياتها، بل ضمنت السلطة والسيطرة للرجل. فبالنسبة لها، فإن دور السلطة، والقائد، والشخص المسؤول، وصانع القرار مكرس للرجل فقط، بينما دور المرأة الوحيد هو دور المتلقي، والمؤمن والمعلم.
5 - في مقابل المسيحية، التي حرمت فيه النساء من الكهنوت، هناك الإسلام، الذي لا يزال يطالب النساء بارتداء الحجاب، كما كفل القرآن حقوقًا للرجال غالبًا ما تحرم منها المرأة في التقاضي والارث والزواج والوصاية، كما أتيح للزوج إمكانية ضرب المرأة بموجب آية قرآنية مقدسة.
6 – فالدين لم يعتبر العنف الزوجي سلوكًا فرديًا منحرفًا، ولا كمرض، وأن أصله يقع في صميم العلاقات الاجتماعية بين الرجال والنساء، حيث لا يمكن لأحد أن ينكر تأثير الدين على عقلية المؤمنين وعلى نماذجهم في السلوك. فالدين يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الفرد. فالاديان التي تتضمن قوانين ودروس تقلل من قيمة المرأة وتجعلها أدنى من الرجل، تشجع الرجال على التصرف أحيانًا بغير وعي ضد المرأة من خلال الاستمتاع بدور المسيطر.
7 - ونشاهد باستمرار في إيران الحالية انتشار العنف ضد المرأة، من خلال مشاهد تزداد بشاعة كل يوم. وفي غضون ذلك، تشير مساعي مسؤولي نظام الملالي للتستر على القضايا التي وصلت إلى عنان السماء، والإحجام عن الملاحقات القضائية، والإفراج عن مرتكبي الجرائم؛ إلى أن نظام الملالي مستفيد من هذا الوضع.
8 - فنظام الملالي لم يوقع على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. والحقيقة المؤكدة هي أن كافة فصائل نظام الملالي متفقة في الرأي على ضرورة قمع المرأة.
9 - والجدير بالذكر أن القمع هو أحد الركيزتين الرئيسيتين لبقاء نظام الملالي. ويستهدف المرأة الجزء الأكثر شمولًا من القمع، وبهذه الطريقة تسجن الديكتاتورية الدينية المجتمع الإيراني بأكمله.
10 - وتجدر الإشارة إلى أن نظام الملالي يشكل الراعي الرسمي لقمع المرأة في العالم باسم الدين، وأن حجم أشكال العنف الحكومي ضد المرأة بذرائع سياسية أو الحجاب … إلخ. تعادل ضعف أشكال العنف الاجتماعي والأسري بعدة أضعاف.
11 - وبطبيعة الحال أصبح تحسين هذه الظروف أكثر صعوبة بشكل غير مسبوق، نتيجة لتولى الجلاد رئيسي السلطة في البلاد؛ حيث أن سجل الإعدامات السياسية الواسعة النطاق تلوث سجله الأسود.
رابعا: العنف ضد المرأة في ايران وبروز سيرورات ثورية قوية لتغيير النظام على يد نسائه:
1 – شكل اعتقال ومصرع الفتاة مهسا أميني (22 سنة) يوم 13 شتنبر 2022 في مخفر الشرطة التي اقتيدت اليه بعد حملها من محطة قطار من طرف شرطة الأخلاق الذي كانت تتواجد فيه مع أخيها قصد السفر، بدعوى ان حجابها لم يتم ارتدائه بشكل لائق يخترم الدين الاسلامي، بمثابة الشرارة التي جعلت الشباب الإيراني يدفع بحركة تمرد احتجاجية قوية لا زالت متواصلة رغم القمع الوحشي ووقوع وفيات.
2 - وتحدثت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من أوسلو مقراً لها في آخر حصيلة أصدرتها يوم 22 نونبر عن مقتل 416 شخصاً على أيدي القوات الأمنية بمن فيهم 51 طفلاً و21 امرأة، ولفتت إلى أن 72 شخصاً لقوا حتفهم الأسبوع الماضي وحده من بينهم 56 في مناطق يقطنها الأكراد بالغرب، حيث تصاعدت الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة.
3 – وقد تحول مصرع مهسا أميني إلى رمز لتمرد الإيرانيين عامة والنساء على وجه الخصوص ضد النظام الإسلامي الحاكم في البلاد منذ عودة الإمام الخميني من المنفى في 1978. وأدت هذه الاحتجاجات إلى مقتل أكثر من 416 شخص فيما لا تزال التعبئة الشعبية متواصلة من أجل المطالبة بممارسة الحريات الديمقراطية والعيش دون قيود دينية أو اجتماعية.
4 – وقد رفع الشباب الإيراني شعارات من قبيل "المرأة، الحياة، الحرية" وأيضا "الموت للديكتاتور"، و"الموت للطغاة - سواء كان الشاه أو المرشد الأعلى. كما أضيفت شعارات جديدة مثل: "بدماء رفاقنا نقف حتى النهاية"، و"الفقر والفساد قائمان حتى نطيح بكم". وكانت أكثر الاحتجاجات تشدداً في مدن طهران وتبريز والمدن في خوزستان، بما في ذلك إيزه وعبادان والأهواز. والمدن ذات الأغلبية الكردية مثل مهاباد، سقز، سننادج. كما برزت هذه الأخيرة مرة أخرى على أنها الأكثر ثورية، مع اندلاع إضرابات عامة مرة أخرى، واشتباكات عنيفة تطرد قوات الأمن. وأقيمت الحواجز وأغلقت الممرات الجبلية والطرق بين المدن.
5 – جميع الثورات التاريخية كانت تقودها النساء أو تكون قي طليعتها كان من ابرزها ثورة فبراير 1917 في روسيا. وقد شاهدنا الشابات الإيرانيات تخرجن الى الشارع فتقص شعرهن وترقصن في تحد سافر لحراس الثورة الإيرانية. كما قادت الشباب المنتفض في مريفان ومهاباد وساقز وسنداج وغيرها، لجان الأحياء الشبابية الثورية (شورى). هذه المنظمات المستوحاة من المجالس العمالية ولجان الأحياء في ثورة 1979. وبعيدًا عن الشعارات الرئيسية للحركة الشبابية الأوسع، رفعت شعارات مستقاة من الشباب الشيوعي عام 1979، منها: "خبز، عمل، حرية"، إلى جانب شعار جديد: "لا الملالي ولا الشاه – نعم لحكومة الشورى". لكن لا ينبغي المبالغة في تأثير هذه المجالس، التي لا تتجاوز هؤلاء الشباب الراديكاليين إلى طبقات أوسع من المجتمع.
6 - في تبريز، احتشد الطلاب خارج الجامعات، مضيفين شعارًا جديدًا: "من 67 إلى أبان(أي نونبر) - إيران ملطخة بالدماء"، في إشارة إلى الإعدام الجماعي لليسار في عام 1988 (1367 في التقويم الفارسي)، والأحدث انتفاضة 2019 (التي بدأت في شهر آبان بالتقويم الفارسي). كما تم إغلاق بازار تبريز التاريخي بالكامل من خلال الإضراب.
7 - في طهران والمناطق المحيطة بها مثل كرج وأراك، نظمت مسيرات كبيرة في عدد من الجامعات. لكن الأحداث الأكثر لفتًا للانتباه كانت الاشتباكات العنيفة عند المتاريس، حيث أصبحت قنابل المولوتوف مرة أخرى شائعة، مع طرد الشباب لقوات الأمن من أجزاء من المدينة.
8 - في خوزستان، هتف الطلاب في جامعتي الأهواز وعبادان شعار: "من زاهدان إلى تبريز - الفقر والفساد والتمييز". في الأهواز وعبادان وعزة، تم أيضًا نصب الحواجز، وقام شبان بضرب قوات الأمن من أجزاء من هذه المدن أيضًا. في بلدة إيزيه، طرد الشباب القوات الأمنية بالكامل. تعتبر احتجاجات الشوارع هذه مهمة لأنها تضم أعدادًا من شباب الطبقة العاملة.
9 - قبل هذه الأحداث، شهد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) انخفاضًا حادًا في ما أطلق عليه العديد من "انتفاضة مهسا". في مواجهة الانتفاضة الأكثر تطرفًا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، صعد النظام قمعه في الأسابيع القليلة الماضية. في المجموع، منذ بداية الانتفاضة، تم اعتقال 15000 متظاهر رسميًا وقتل النظام أكثر من 416 متظاهر، لكن من المتوقع أن تتضاعف الأرقام الحقيقية، إن لم تكن ثلاثة أضعاف هذا الرقم.
10 - من الواضح أن النظام انتهز الفرصة لإعادة تجميع صفوفه وكان يسعى لاستعادة الأراضي المفقودة من خلال تعبئة قوات الأمن لقمع هذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات. تحول شرق كردستان، وخاصة مهاباد، مرة أخرى إلى منطقة حرب، مع قطع النظام للكهرباء والإنترنت لضمان عدم وجود شهود على قمعه الوحشي.
11 - لكن هذه الأساليب جاءت بنتائج عكسية. ابتداء من يوم الأحد، اندلع إضراب عام شبه كامل في البلدات ذات الأغلبية الكردية مع انتشار لجان الشباب الثوري. قوبل الطلاب في جميع أنحاء إيران بقمع شديد، مع احتلال قوات الأمن للجامعات. لكن هناك بالفعل دعوات للاحتجاجات للوقوف خلف الثوار الأكراد.
12 - مستوحاة من انتفاضة الشباب الثورية، اندلعت الإضرابات الاقتصادية بما في ذلك: المرحلة 19 من شركة جنوب بارس للبتروكيماويات في بوشهر، وشركة مسجد سليمان للبتروكيماويات في خوزستان، وبهمان موتورز في كرج، ومسبك أصفهان للحديد وغيرها. الأهم من ذلك، بدأ إضراب سياسي في طهران بين سائقي الشاحنات وغيرهم من العمال في محطة الشحن أكبر أباد، حيث هتف العمال شعارات: "نحن معًا - لا تخافوا" و "الموت للديكتاتور".
13 – كما أدلت العديد من المنظمات العمالية المستقلة بتصريحات تضامنية مع الانتفاضة وهددت بإضراب سياسي، بما في ذلك سائقي الشاحنات وعمال النفط ولجنة تنسيق المعلمين وعمال شركة حافلات طهران وعمال الصلب في الأهواز وغيرهم. على الرغم من ذلك، لم ينفجر إضراب عام وطني، وتم عزل الإضرابات السياسية القليلة التي شهدناها، وبالتالي قمعها النظام بسرعة، مما أدى إلى تردد هذه المنظمات العمالية في الالتزام الكامل.
14 - جددت لجنة تنسيق المعلمين دعمها للانتفاضة بل وشجبت النظام علانية، ولكن في مواجهة القمع المتزايد للنظام ضد الشباب في 19 نوفمبر، دعت إلى إضراب يومي 20 و 21 نوفمبر. في عزلة، ستواجه هذه الإضربات نفس القمع الذي واجهته في إضرابها التضامني السابق. عمال النفط المتعاقدون صامتون، وهو أمر غير مفاجئ بعد محاولاتهم لإشعال إضراب سياسي بين عمال النفط في 10 أكتوبر، وإضرابهم المخطط في 29 أكتوبر، الذي قوبل بقمع شديد.
15 - على الرغم من هذه الخطوات المهمة، إلا أن مهمة تحويل الانتفاضة إلى ثورة لم تحل بعد. في حين أن الشباب قد شكلوا منظمات، بل وربطوها إلى حد ما على المستوى الوطني، فإن كل دعوة للاحتجاج أو الإضرابات السياسية تعتمد على الأمل في أن تنتشر بشكل عفوي في إضراب عام ثوري. لكن بدلاً من ذلك، من المتوقع سيرورة ثورية دموية مطولة لكل من الشباب والعمال الثوريين على حد سواء. كما ستكون فترات ردة الفعل الأخرى حتمية حتى يتحد الشباب والعمال تحت قيادة وبرنامج ثوري.
16 - لا يمكن للطبقة العاملة أن تنتصر بواسطة الشعارات وحدها، ولكن فقط من خلال برنامج ثوري ملموس. مثل هذا البرنامج من شأنه أن يربط المطالب الاقتصادية بالمطالب الديمقراطية والدعوة إلى إسقاط الجمهورية الإسلامية. وسيشمل ذلك إلغاء جميع تدابير التقشف، والمعاشات التقاعدية والأجور المعيشية، وحرية التعبير، والتجمع والصحافة، ولا سيما بالنسبة للنقابات العمالية، وانتخاب جمعية تأسيسية قائمة على لجنة الأحياء والمجالس العمالية لإلغاء الجمهورية الإسلامية، أي برنامج يجب أن يتم تطويره بشكل أكبر من خلال الأفراد أنفسهم. بناءً على مثل هذا الحد الأدنى من البرنامج، سوف يعمل الثوار على توحيد الطبقة العاملة والفقراء بسرعة. فالطريق الوحيد أمام الجماهير الإيرانية هو القضاء على الرأسمالية والاستيلاء على السلطة بأنفسهم من خلال مجالس الشورى.
خامسا: بدلا من الخاتمة
1 – ان المغرب الذي خلدت جماهيره رجالا ونساء) مساء يوم الجمعة 25 نونبر 2022 بوقفة مركزية أمام البرلمان المغربي لا يزال يحتاج الى ثورة نسائية قوية من أجل المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة واتخاذ خطوات فعلية للحد من ممارسة العنف المنهجي في حق المرأة، ولا يمكن تحقيق هذه المطالب بدون فصل الدين عن الدولة والمساواة القانونية الكاملة بين الرجل والمرأة أمام القضاء وفي مجال الإرث وفي العمل وباقي الممارسات الاقتصادية.
2 – ان دور المرأة كمصدر أساسي لإنتاج وإعادة انتاج الحياة المباشرة سيبقى أساس الهام كافة الثورات الإنسانية على التفاوت الطبقي والاستغلال الامبريالي الرأسمالي للإنسان والطبيعة، وضد الاستبداد والحكم الديكتاتوري كما يحدث حاليا في ايران والذي نتضامن مع ثورة شبابه وشاباته في افق تغيير نحو وضع اكثر تحررا للشعب الإيراني.
الحركة الماركسية اللينينية الخط البروليتاري