الحلول القمعية في مواجهة تفاقم الازمتين الاقتصادية والاجتماعية في شمال افريقيا
الترجمات الموجودة
تزايد تعمق الازمتين الاقتصادية والسياسية محليا وعبر العالم بسبب تداعيات ازمة انهيار معدل الربح الرأسمالي والسياسات اليمينية الفاشية المفروضة من أجل الالتفاف عليها، سواء عبر الانقلابات التي تحدث كما وقع في تونس أوفي السودان مؤخرا، أو عبر فرض هيمنة سياسية يمينية سلطوية متطرفة كما هو الحال في مصر والمغرب والجزائر وحيث يتم اطلاق العنان لموجات من التضخم الارادي التي تضرب في العمق القدرة الشرائية للطبقة العاملة مع تفكيك متواصل للخدمات العمومية، مما يؤدي الى المزيد من نهب فائض القيمة كتعويض جزئي للمديونية الهائلة، التي تم اللجوء اليها تحت ذريعة معالجة الازمة الصحية لكوفيد19.
وفي هذا الاطار يعرف الوضع الاجتماعي في المغرب وفي باقي بلدان شمال افريقيا غليانا عارما، يتمثل في سيرورات متواصلة من النضالات العمالية والاحتجاجات الشعبية حول القضايا الاجتماعية كالإدماج في الوظيفة العمومية بالنسبة للأساتذة المفروض عليهم التعاقد بالمغرب، وفي مواجهة انتزاع أراضي الفلاحين الفقراء في العديد من المناطق القروية وفي تزايد أصوات الجماهير المطالبة بالحق في التعليم وفي الصحة في العديد من المناطق المهمشة، كما تتواصل احتجاجات العديد من العمال المطرودين من عملهم تعسفا أو نتيجة لإقفال العديد من المقاولات لأبوابها حيث بلغ عدد المقاولات التي توقفت عن العمل حسب مديرية الإحصاء خلال سنة 2021 حوالي 19 الف مقاولة، بينما فقد حوالي 581 الف عامل عمله.
يحدث كل ذلك في ظل تفاحش موجة من الغلاء بسبب الزيادات المهولة والمتتالية في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات وفي ظل استمرار اعتماد نفس السياسات الليبرالية المتوحشة التي تعمق من وقع أزمة تداعيات جائحة كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة. وقد تظاهر الآلاف من المواطنات والمواطنين في العديد من المناطق والمدن المغربية احتجاجا على فرض ما يسمى بجواز التلقيح في تناقض صارخ مع الادعاء الرسمي باختيارية اللقاح.
وفي غياب تام لأي جواب سياسي للأحزاب الحكومية البرجوازية الثلاثة المنصبة مؤخرا بخصوص كيفية معالجة الازمتين الاقتصادية والاجتماعية، نراها تتمادى في سياسات قمعية غير مسبوقة ضد الحق في التظاهر والاحتجاج وحرية التعبير وقمع الحركات الاحتجاجية في كل مكان وفي اعتقال ومحاكمة المناضلين ونشطاء التواصل الاجتماعي والصحافيين، وفي التضييق على القوى المناضلة والمعارضة للسياسات المعتمدة واعتقال عدد من نشطاء الحركات الاحتجاجية ومجموعات المعطلين حاملي الشهادات بعدد من المدن.
وفي ظل هذه الأوضاع يخيم جو من الترقب حول ما يمكن ان تسفر عنه التوترات المتزايدة على الحدود المغربية الجزائرية وسباق البلدين نحو المزيد من التسلح والاتهامات المتبادلة. فأية حرب قد تندلع بين البلدين بهدف معالجة النظامين لازمتيهما الداخلية، الا وستكون وبالا على الشعبين المغربي والجزائري كما سيكون لها وقع سيئ مباشر على الأوضاع المأساوية أصلا للطبقة العاملة بالبلدين معا.